التكلم وسماع الميت
التكلم وسماع الميت
اولا: هل يسمع الحي كلام الميت؟
أكدت الأحاديث أن الميت يتكلم قبل دفنه، فتقول روحه الصالحة "قدموني" والسيئة "يا ويلها",، ورجح العلماء -كابن حجر- أنه كلام حقيقي للروح -فقط- بصوت مسموع, ويسمع هذا الصوت كل شيء باستثناء الإنسان، الذي لو سمعه لصَعِقَ، وهذا يوجب الإسراع في تجهيز الجنازة إكرامًا للمؤمن وتخليصًا من الكافر.
ثانيا: هل يسمع الميت كلام الحي؟
اختلف العلماء في مسألة سماع الموتى للأحياء؛ ففريق نفاه إلا في حالات مخصوصة كقرع النعال والسلام على القبور استدلالاً بالآيات، بينما رجح آخرون إثبات السماع في الجملة مفسرين نفي السماع في القرآن بأنه سماع القبول والانتفاع. ومع ذلك، أجمع العلماء على أن إثبات السماع لا يترتب عليه جواز طلب قضاء الحاجات من الأموات أو الاعتقاد بأنهم يردون، وأن التوصل بذلك إلى الاستنجاد أو طلب الشفاعة يعد من البدع أو الشرك الأكبر.
﷽
الحَمْــدُ لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وصلاة وسلاما على نبينا محمد ﷺ وعلى اله واصحابه اجميعن اما بعد،
فقد تقدم بالبرزخ وحياه البرزخ، وهنا نتكلم عن : هل الموتى يتكلمون؟ وهل الموتى يسمعون؟ وهل تتلاقى الارواح؟ وما هي طبيعه تعلق الارواح بالاجساد؟ فقد وردت احاديث انهم تُعاد ارواحهم في اجسادهم، واحاديث ان ارواح الشهداء في حواصيل طير خضر، ونحو ذلك.
فماذا عن حقيقه تعلق الروح بالجسد في القبر، ولنبدا بالكلام على مسالة :
كلام الميت
لقد ورد في الاحاديث ان الميت يتكلم قبل ان يُدفَن، وذلك فيما رواه ابو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا وُضعتِ الجنازةُ فاحتملها الرجالُ على أعناقِهم، فإنْ كانتْ صالحةً قالتْ: قدِّموني، وإنْ كانتْ غيرَ صالحةٍ قالتْ: يا ويلَها، أين تذهبون بها؟ يسمعُ صوتَها كلُّ شيءٍ إلَّا الإنسانَ، ولو سمعَه الإنسانُ لصَعِقَ“ [رواه البخاري (حديث رقم: 1331) والنسائي] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : قوله اذا وضعت الجنازه يحتمل ان يريد بالجنازه نفس الميت وبوضعه جَعلُهُ في السرير هذه الخشبه التي يمدد عليها سرير الميت الجنازه، والمراد وضعها على الكتف والاول اولى لقوله بعد ذلك فان كانت صالحه قالت فان المراد به الميت، فهو الذي يتكلم وهو الذي يقول قدموني قدموني، ثم قال : ويؤيده رواية عبد الرحمن بن مهران عن ابي هريره المذكور بلفظ اذا وضع المؤمن على سريره يقول قدموني … الحديث، وظاهره ان قائل ذلك هو الجسد المحمول على الاعناق، لان الان بعد ما قبضت الروح من الجسد وصار ميتا واخذ للتغسيل والتكفين والصلاة ثم الدفن، من الذي يقول قدموني ؟ قال : وظاهره ان قائل ذلك هو الجسد المحمول على الاعناق.
وقال ابن بَطَّال (وهو أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي المالكي، تُوُفِّي في رمضان سنة 449 هـ الموافق تقريبًا 1057م هو أول من وصل إلينا من شُرَّاح “صحيح البخاري” بشرحٍ كامل، وشرحه يعتبر مصدرًا أساسيًا لعدد من الشراح الكبار بعده مثل: ابن حجر العسقلاني في “فتح الباري”والعيني في “عمدة القاري” والقسطلاني في “إرشاد الساري”): انما يقول ذلك الروح. هذا احتمال اخر ان الروح هي التي تقول قدموني، الان انفصلت الروح عن الجسد، وفي الروايه انه يقول : قدموني فمن الذي يقول قدموني الروح ام الجسد ؟ ورده ابن المُنَيِّر (أبو الحسن ناصر الدين علي بن محمد بن خَلَف بن المُنَيِّر الإسكندري المالكي، تُوُفِّي سنة 683 هـ الموافق تقريبًا 1284م في الاسكندرية، هو صاحب كتاب “المُتَواري على أبواب البخاري”، ويُعَدّ من أدق من شرحوا التراكيب البلاغية واللغوية في صحيح البخاري) : بانه لا مانع ان يرد الله الروح الى الجسد في تلك الحال ليكون ذلك زيادة في بشرى المؤمن وبؤس الكافر، وكذا قال غيره قلت - يعني ابن حجر رحمه الله - وهو بعيد (اي ان الروح الان يعني قبل الدفن ترد الى الجسد)، قال: ولا حاجة الى دعوة اعاده الروح الى الجسد قبل الدفن لانه يحتاج الى دليل، فمن الجائز ان يحدث الله النطق في الميت اذا شاء، وكلام ابن بطال فيما يظهر لي اصوب (ما هو كلام ابن بطال ؟ ان المتكلم الروح ) وقال ابن بَزيزة (هو من العلماء المالكية الكبار، هو أبو محمد عبد العزيز بن إبراهيم بن محمد بن بَزيزة السُّوسي المراكشي المالكي، تُوُفِّي سنة 673 هـ الموافق تقريبًا 1274م، له شرح مهم على صحيح البخاري اسمه:“المنتقى شرح موطأ الإمام مالك” ويُعَدّ من أبرز علماء المالكية في المغرب خلال القرن السابع الهجري) : قوله في اخر الحديث يسمع صوتها كل شيء دال على ان ذاك بلسان المقال لا بلسان الحال (يعني لو قال واحد : هل كلام الجنازه هذا بلسان الحال يعني لا تتكلم حقيقه لكن حالها يعني انها لو تكلمت قالت قدموني ؟) قال : لا؛ لان الحديث فيه يسمع صوتها (معنى ذلك انه في صوت مسموع ويسمعه كل شيء الا الانسان، يعني البهائم تسمع، بل ظاهر هذا ان الجن تسمع، لان الحديث الاخر الذي فيه يسمعه كل شيء الا الثقلين هذا متى ؟ داخل القبر، اما الان نحن نتكلم على صوت الجنازة وهي تقول قدموني، فهل يقوله الجسد الميت او تقوله الروح ؟).
هذه اقوال العلماء وخلاصة ذلك ما رجحه ابن حجر : انه كلام الروح، وهو كلام حقيقي بصوت مسموع، يسمعه كل شيء، قال يسمع صوتها كل شيء الا الانسان ولو سمعها الانسان لصَعِق يعني من هول الكلام.
نكمل الحديث : وان كانت غير ذلك في الحديث يعني غير صالحة، قالت لاهلها وهنا اهلها اظهارا لوقوعه في الهلكه، وكل من وقع في الهلكه دعا بالويل، فما معنى قوله : ان كانت غير صالحه قالت يا ويلها، يعني : هو يقول يا ويلي، والويل معناه هنا الدعاء بالويل ومعناه يا حزني، واضاف الويل الى ضمير الغائب يا ويلها حملا على المعنى كراهية ان يضيف الويل الى نفسه، يعني حتى لا يقول الراوي يا ويلي والا الميت هو الذي يقول يا ويلي، فالراوي يعبر يقول يا ويلها كراهية ان يقول الكلام عن نفسه.
وجاء في روايه ابي هريرة : قال يا ويلتاه اين تذهبون بي، فدل على ان ذلك من تصرف الرواة، يعني الحديث الاصلي يا ويلي او يا ويلتاه، لكن الراوي تصرف حتى لا ينسب الكلام لنفسه، فقال ويلها اين يذهبون بها.
لو سمعها الانسان لصعق يعني (لغشي عليه من شده ما يسمعه)، والكلام هذا لو سمعه لصعق خاص بالصوت الذي يقول يا ويلي، غير الصالحة ام يشمل ايضا الصالحة ؟ قال ابن بَزِيْزَةَ : هو مختص بالميت الذي هو غير صالح هذا الذي صوته لو سمعه الانسان لصعق، واما الصالح فمن شانه اللطف والرفق في كلامه، فلا يناسب الصعق من سماع كلامه، قال : ويحتمل ان يحصل الصعق من سماع كلام الصالح لكونه غير مالوف ليس لكونه مرعوبا او مخيفا، و الصيحه التي تصيحها المضروب في قبره غير مالوفه لا للانس ولا للجن ولذلك قال يسمع كل شيء الى الثقلين اما حديث الجنازه وصوت الفزع فانه غير مالوف عند الانس لكن يمكن ان يكون مسموعا للجن واستدل بالحديث على ان كلام الميت يسمعه كل حيوان ناطق وغير ناطق الا الانسان كما هو ظاهر الخبر وانما استثني الانسان من سماع ذلك ابقاء عليه (يعني لو قيل لماذا ما اسمع الله الناس هذا ليتعظوا ؟فالجواب : لو سمعوا لماتوا فلا يتحمل هذا الصوت الاحياء) ولذلك قال : وانما استثني الانسان من سماع ذلك ابقاء عليه، وهذا طبعا من رحمة الله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : والرجل اذا مات فان روحه تقول (وهذا يعني ان الشيخ يرجح ان قدموني من كلام الروح) تقول اذا كان صالحا قدموني قدموني اي قدموني الى موضع الثواب لان الانسان في قبره يفتح له في الجنة وان كانت سوى ذلك فانها تقول يا ويلها اين تذهبون بها، واذا كان الميت يقول قدموني قدموني، فان الاولى بنا ان نقوم ببره وان نقوم بالاحسان اليه، وان نسرع الى تجهيزه، حتى يصل الى ثوابه مما ياتي في قبره من جنات النعيم من الروح والريحان وهو في القبر، قال الشيخ : فبادروا رحمكم الله بتجهيز الاموات ولا تؤخروها الا ان يكون هناك، سبب مثل ان يموت في الضحى ويخشى من المشقه على مشيعيه اذا شيعوه في صلاه الظهر مثلا فانه يؤخر الى صلاة العصر ولا باس في ذلك (يعني تلافيا لشدة الحر) لانه لو دفن في الظهر في شده الحر شق ذلك على الناس مشقة شديدة، لذلك نقول اذا مات في الضحى وكان في دفنه بعد صلاة الظهر مشقه فانه لا باس ان يؤخر الى وقت صلاة العصر حيث تبرد الشمس والجو، وهذا تاخير ارجو الله ان لا يكون فيه ضرر على الميت ولا على مشيعيه، (لكن العتب على بعض الناس يؤخرون ميتهم لاسباب واهية، وربما يقول باقي ابن عمه ياتي من من مصر، وفلان ابن خاله ياتي من الجنوب وباقي فلان، يا اخي هو يقول قدموني قدموني تؤخروه لماذا ؟ واذا كان صالحا فخير تقدمونه اليه فلماذا يحرم من الخير هذا؟ واذا كان طالحا فشر تضعونه عن اعناقكم، ولذلك قال ﷺ : أسرِعوا بالجِنازة، فإن تكُ صالحةً فخيرٌ تُقدّمونها إليه، وإن تكُ سوى ذلك فشرٌّ تضعونه عن رقابِكم. [ رواه البخاري (1315)، ومسلم (944)]
فالخلاصة : انه كلام الروح، وهو كلام حقيقي بصوت مسموع، يسمعه كل شيء الا الانسان على الراجح.
سماع الاموات
ناتي الان الى مساله سماع الاموات، دُفِنَ الميت وحصلت فتنه القبر كما مر معنا، وعرفنا انه يتكلم ثبت الكلام بقيت قضية السماع، وهذه مسالة شائكة هل الموتى يسمعون او لا يسمعون ؟ هل يعلمون بمن يزورهم او لا يعلمون ؟ هل تتلاقى ارواحهم مع ارواح الاخرين ؟
اختلف العلماء في مساله سماع الموتى، فذهب بعضهم الى ان الموتى لا يسمعون، وبعكسه قال الاخرون.
وممن عرض هذه المسالة عرضا وافيا الشيخ محمد الامين الشنقيطي رحمه الله، فقال : اعلم ان الذي يقتضي الدليل رجحانه هو ان الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلمهم، وان قول عائشه رضي الله عنها ومن تبعها : (انهم لا يسمعون استدلالا بقوله تعالى : إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى … [النمل ٨٠] وما جاء بمعناه من الايات غلط منها رضي الله عنها وممن تبعها، وايضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك مبني على مقدمتين :
الاولى منهما : ان سماع الموتى ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في احاديث متعددة ثبوتا لا مطعن فيه، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم ان ذلك خاص بانسان ولا بوقت.
والمقدمه الثانيه : هي ان النصوص الصحيحه عنه صلى الله عليه وسلم في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب ولا في السنة شيء يخالفها، وتاويل عائشة رضي الله عنها بعض الايات على معنى يخالف الاحاديث المذكورة لا يجب الرجوع اليه؛ لان غيره في معنى الايات اولى بالصواب منه، فلا ترد النصوص الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بتاول بعض الصحابة بعض الايات وسنوضح هنا ان شاء الله صحة المقدمتين المذكورتين، واذا ثبت بذلك ان سماع الموتى ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض صريح علم بذلك رجحان ماذا ذكرنا ان الدليل يقتضي رجحانه. أهـ
————
تنبيه : طبعا هنا يجب ان ننبه الى مسالة مهمة جدا، الان لو ترجح سماع الاموات، هل يفهم من ذلك ان الموتى يردون على من كلمه ؟ هل يفهم من ذلك انه يشرع تلقين الميت في القبر ويقال : له اذا جاءك الملك وسالك من ربك فقل ربي الله، واذا جاءك وسالك .. ابدا، هل يفهم من ذلك جواز الطلب من الاموات قضاء الحاجات ؟ ابدا، هل يفهم من ذلك مشروعيه ابلاغ الميت سلام قريبه فيقال : فلان يبلغك السلام اذا جاء الى قبره من سفر هل يجوز ان يقال هذا ؟ ابدا، اذا هناك فرق بين قضيه سماع الميت وبين ان الميت يرد وان الحي يطلب منه اشياء وانه يلقنه، هذه قضايا اخرى لا علاقة لها بالموضوع ولا يلزم من اثبات هذا التوصل الى هذا، فان بعض العلماء قالوا : الموتى لا يسمعون، وما انت بمسمع من في القبور … انك لاتسمع الموتى، وقالوا : في فقط احوال مخصوصة :
١- يسمع قرع نعالهم فقط هذا الذي ثبت به الدليل يستثنى،
٢- وحديث قتلى بدر من الكفار ان الله اسمعهم سماعا مخصوصا وعادت ارواحهم اليهم ليسمعوا الكلام توبيخا لهم وتبكيتا واحزانا وخزيا عليهم، وفقط ما في سماع.
وهؤلاء طبعا بالتالي : لو جاء واحد وقال نلقنه يقول لا يسمع لو قال واحد هل ابلغ سلام الاخر يقول لا يسمع لو قال واحد نطلب من الميت شيء يقول لا يسمع انتهت المساله من هذه الجهه منتهية.
لكن نحن الان يجب ان من الناحيه العلميه نفهم طيب حتى القول الاخر الذي يقولون بالسماع ان الميت يسمع، هل يترتب عليه اشياء من هذا ؟ حتى لو قلنا يسمع كما نصره الشنقيطي رحمه الله وغيره، وقال انهم يسمعون، هل يسمع ؟
وسيتبين ان شاء الله ان اثبات اصل السماع الاحاديث تثبت اصل السماع لكن هل يسمع كل شيء ؟ وهل يستطيع ان يرد ؟ هذه قضايا اخرى يجب عدم الخلط والا صارت مصيبة، فهذه البدع شيء، وقضيه اثبات الاصل لسماع الاموات شيء اخر، وهذا البحث الان في اثبات اصل السماع للميت (يعني ان الميت يسمع لكن ماذا يسمع ومتى يسمع هذه قضية اخرى).
وايضا لو اثبتنا السماع للميت لا يعني جواز نداء الميت من بعيد؛ لان بعض الناس يفهم اذا اثبتنا السماع يجوز ان نقول له (وفلاناه، يا فلان اغثني يا فلان كذا يا فلان من بعيد او من قريب هذا هذه بدعة عظيمة، والا اذهب الى قبر الصالح وقبر النبي واستنجد)، فبعض الذين قالوا لا يسمع الا هذه الاشياء المخصوصة، ايضا حذروا من مسالة الشرك المنتشر، فنقول وان ثبت سماع الميت فلا يجوز الاستنجاد به، ولا للبدع التي فيها قضية التلقين وقضيه المؤانسه بالكلام اذا ذهب اليه ليخبره عن احوال الاحياء، ونحو ذلك من البدع.
————
قال الشيخ : اما المقدمة الاولى وهي ثبوت سماع الموتى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري ومسلم عن ابي طلحه رضي الله عنه ان نبي الله صلى الله عليه وسلم امر يوم بدر باربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طويٍ من اطواء بدر (وهو واديٌ أو منخفضٌ من الأرض) خبيث مخبث، وكان اذا ظهر على قوم اقام بالعرصة ثلاثا (يعني اقام في ميدان المعركة اذا انتصر ثلاثه ايام اظهارا للقوة والتحدي، والذي يريد ان يرجع نحن موجودين، هذا من هدي النبي عليه الصلاه والسلام، اذا انتصر على قوم اقام بارض المعركة ثلاثا) فلما كان ببدر اليوم الثالث امر براحلته فشد عليها رحلها، (الان يتاهب للمغادرة) ثم مشى واتبعه اصحابه وقالوا : ما نرى ينطلق الا لبعض حاجته، حتى قام على شَفَةِ الرَّكِيْ (على حافه البئر التي دفن فيها القتلى، قتلى الكفار) فجعل يناديهم باسمائهم واسماء ابائهم : يا فلان ابن فلان يا فلان ابن فلان، ايسركم انكم اطعتم الله ورسوله وليس لو اطعتم الله ورسوله كان خيرا لكم، ان تموتوا وتقتلوا هذه القتلة على الشرك والكفر محادين لله ورسوله، ايسركم انكم اطعتم الله ورسوله فانا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقال عمر : يا رسول الله، ما تكلم من اجساد لا ارواح لها؟ (اذا استقر عند عمر انهم لا يسمعون، وهذا من ادلة الذين يقولون انهم لا يسمعون، ان هذا سماع مخصوص وانه مستقر عند الصحابة ان الموتى لا يسمعون، وان النبي عليه الصلاة والسلام بين له انه سماع مخصوص) فقال عمر : يا رسول الله ما تكلم من اجساد لا ارواح لها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده ما انتم باسمع لما اقول منهم، (يعني اثبات السماع لهم).
قال قتادة (قتادة بن دِعَامة بن قَرَاعة السَّدوسي البصري، وهو من كبار التابعين وُلِد سنة: حوالي 60 هـ وتُوفي سنة: 117 هـ (وقيل: 118 هـ) كان ضريرًا (أعمى)، لكنه كان من أحفظ الناس، يُقال: “ما كان أحد أحفظ من قتادة في زمانه” يُعد من أعظم مفسري التابعين، وكان يُفسر القرآن على طريقة السلف، أي بالتفسير المأثور، نشأ في البصرة، وكان من تلاميذ الحسن البصري، وروى عن أنس بن مالك، وعبد الله بن سرجس، وغيرهم من الصحابة) اذا الرواية تقول : كما انتم يا ايها الصحابة سمعتم كلامي لهم، هم سمعوه ايضا، فقال قتاده راوي الحديث : احياهم الله حتى اسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقيمة وحسرة وندما. اذا يقول هذا احياء خاص بهؤلاء.
ولفظ مسلم عن انس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم : ترك قتلى بدر ثلاثا، ثم اتاهم فقام عليهم فناداهم، فقال : يا ابا جهل بن هشام يا اميه بن خلف يا عتبه بن ربيعه يا شيبه بن ربيعه اليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فاني قد وجدت ما وعدني ربي حقا، فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كيف يسمع وانَّا يجيبوا وقد جَيَّفُوا (صاروا جيف)، وكيف يسمعوا؟ فقال ﷺ : والذي نفسي بيده، ما انتم باسمع لما اقول منهم، ولكنهم لا يقدرون ان يجيبوا، (وهذا في اثبات ان الميت ولو سمع لا يقدر ان يجيب، فمن قال لك انني كلمت الميت رد علي، واني ذهبت الى قبر النبي في المدينة وقلت له انظر ماذا تفعل امتك قال افعلوا كذا كذا، فاعلم انه كذاب) قال : ولكنهم لا يقدرون ان يجيبوا، ثم امر بهم فسحبوا فالقوا في قليب بدر. (قليب : هو حفرة في الأرض ليست بئرًا بالماء، بل منخفضٌ عميق وواسع، كان مكانًا مناسبًا لدفن الجثث الكثيرة بسرعة). ولما بلغ عائشه رضي الله عنها هذا الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قالت: غفر الله لابي عبد الرحمن، انه وَهِلَ (وهل غلط ونسي)، انما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله انهم ليعلمون الان ان الذي كنت اقول لهم حقا (اي قبل ان يموتوا) ثم قرات (انك لا تسمع الموتى … وما انت بمسمع من في القبور) رواه البخاري ومسلم واحمد.
فهذا يبين ايضا راي المذهب الاول الذي يقول بعدم السماع، واحتج به الذين يقولون بالسماع طبعا.
اتي باربع وعشرين رجلا من الصناديد (جمع صنديد وهو سيد الشجاع)، وقتلى بدر من الكفار كانوا سبعين، والذين طرحوا كانوا الرؤساء منهم، وهم الذين خصوا بالمخاطبه والتوبيخ، لما كانوا عليه من العناد الشديد، وطُرِحَ بقية القتلى في اماكن اخرى.
قال الحافظ : وامية بن خلف لم يكن في القليب؛ لانه كان ضخما فانتفخ، (لانه اذا سحبوه تفسخ، تذهب اليد في جهه والقدم في جهه، يتفسخ) فالقوا عليه من الحجارة والتراب ما غيبه، (وهذا يدل على دفن قتلى الكفار، يعني لو واحد قال هل ندفن الكافر نقول نعم ندفنه)، وقد اخرج ذلك ابن اسحاق من حديث عائشه لكن يجمع بينهما بانه كان قريبا من القليب فنودي في منودي فالذين في القليب دخلوا في النداء وهذا بجانبهم دخل في النداء لكونه من جملة رؤسائهم.
في بعض الروايات التي جاءت لهذا الحديث عند ابن اسحاق حدثني بعض اهل العلم انه صلى الله عليه وسلم قال : يا اهل القليب بئس عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم كنتم، كذبتموني وصدقني الناس (هؤلاء الانصار صدقوني وانتم قومي كذبتموني).
قال البيهقي رحمه الله في بيان ان ما استدلت به عائشة رضي الله عنها لا يدل على نفي سماع الموتى : العلم لا يمنع من السماع والجواب عن الاية انه لا يسمعهم وهم موتى، (يعني ما معنى انك لا تسمع الموتى، يعني في حال الموت لا تسمع لا يسمعون) لكن اذا احياهم الله سمعوا، (اذا اراد الله ان يسمعهم سمعوا) قال : والجواب عن الاية انه لا يسمعهم وهم موتى، ولكن الله احياهم حتى سمعوا كما قال قتاده، فاذا يفهم من كلام البيهقي انه يؤيد انه سماع مخصوص، ثم قال : ولم ينفرد عمر ولا ابنه بحكاية ذلك بل وافقهما ابو طلحة كما تقدم وللطبراني من حديث ابن مسعود مثله باسناد صحيح. أهـ
قال الاسماعيلي (الإمام أبو بكر الإسماعيلي (أبو بكر محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مُغيرة الجُرجاني الإسماعيلي)، تُوفي سنة: 371 هـ (982م) من كبار أئمة الحديث والسنّة، وكان من أعيان أصحاب الإمام أحمد بن حنبل في الاعتقاد (كتابه “المستخرج على صحيح البخاري”جمع فيه الأحاديث التي رواها البخاري، بسنده الخاص، ولم يخرجها البخاري مباشرة) ويُستشهد بكلامه في العقيدة، خاصة عند الرد على الجهمية والمعتزلة، وممن نقل عنه: ابن قدامة، الذهبي، ابن تيمية) : كان عند عائشه من الفهم والذكاء وكثرة الروايه والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه، لكن لا سبيل الى رد رواية الثقة الا بنص مثله يدل على نسخه او تخصيصه او استحالته، فكيف والجمع بين الذي انكرته واثبته غيرها ممكن ؟ لان قوله تعالى انك لا تسمع الموتى لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم : انهم الان يسمعون؛ لان الاسماع هو ابلاغ الصوت من المسمع في اذن السامع، فالله تعالى هو الذي اسمعهم بان ابلغهم صوت النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، (يعني لو انه عليه الصلاه والسلام نطق وحده بدون ان يسمعهم الله ما سمعوا) واما جوابها بانه انما قال انهم ليعلمون فان كانت سمعت ذلك فلا ينافي روايه يسمعون بل يؤيدها. أهـ
قال الحافظ : وقد اختلف اهل التاويل (يعني المفسرون) في المراد بالموتى في قوله تعالى انك لا تسمع الموتى وكذلك المراد بـ من في القبور فحملته عائشه على الحقيقة، وجعلته اصلا احتاجت معه الى تاويل قوله ما انتم باسمع لما اقول منهم وهذا قول الاكثر، (يعني ان هذه الاية محمولة على الحقيقة انك لا تسمع الموتى يعني لا تسمع الموتى حقيقة، طيب وهذا الحديث ؟ قالوا هذا خاص لا تسمع الموتى عام وهذا خاص بقدرة الله، لغرض معين وهو اخزاء هؤلاء، وجعل هؤلاء يصابون بالندامة والحسرة فوق العذاب الذي ياتيهم في القبر)، وقيل هو مجاز والمراد بالموتى و وبمن في القبور الكفار شبهوا بالموتى وهم احياء والمعنى من هم في حال الموتى او في حال من سكن القبر (طبعا هذا قد يكون بعيدا لان الاصل اجراء الايات على ظاهرها، الموتى يعني الموتى حقيقة).
قال الشنقيطي رحمه الله : فهذا الحديث الصحيح اقسم فيه النبي صلى الله عليه وسلم ان الاحياء الحاضرين ليسوا باسمع لما يقول صلى الله عليه وسلم من اولئك الموتى بعد ثلاث، وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم في ذلك تخصيصا، وقول قتاده اجتهاد منه. أهـ هذا راي الشنقيطي
الان انتهينا من دليل (قليب بدر) انتهينا من حديث قليب بدر، فالذين يقولون يسمعون يقولون هذا من ادلتنا انهم يسمعون، والذين يقولون لا يسمعون يقولون هذا سماع خاص والقاعده موجوده وكون وجد شيء خاص لا ينسف الشيء العام ولا ينسف القاعدة، الاصل انهم لا يسمعون.
الان دليل اخر : الحديث الثاني رواه البخاري ومسلم عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العبد اذا وضع في قبره وتُوُلِّىَ وذهب اصحابه حتى إنه حتى ليسمع قرع نعالهم. وروى البخاري ومسلم عن انس رضي الله عنه، وهذا الحديث المعروف في عذاب القبر في حياة البرزخ.
قال الشنقيطي رحمه الله : وقد رايت في هذا الحديث الصحيح تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بان الميت في قبره يسمع قرعا نعال من دفنوه اذا رجعوا، وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى، وظاهره العموم في كل من دفن وتولي عنه، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم فيه تخصيصا.
فالذين يقولون بعدم السماع ماذا سيقولون ؟ هذا استثناء اخر، انه خاص في سماع قرع النعال اذا تولوا، وليس معنى ذلك انه بعدها يستمر في السماع، والى اخر الدنيا يستمر في السماع. لا.
الدليل الثالث : وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها انها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من اخر الليل الى البقيع، فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين واتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون وانا ان شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لاهل بقيع الغرقد.
قول صلى الله عليه وسلم السلام عليكم دار (يعني يا دار) قوم مؤمنين منصوب على النداء، وانا ان شاء الله بكم لاحقون فهذا امتثال لقول الله تعالى ولا تقل لشيء اني فعل ذلك غدا الا ان يشاء الله، وقول صلى الله عليه وسلم السلام عليكم دار قوم مؤمنين فيه ان السلام على الاموات والاحياء سواء في تقديم (السلام على عليكم)، بخلاف ما كانت عليه الجاهلية من قولهم (عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء ان يترحمه) فكانوا في الجاهليه اذا ارادوا السلام على ميت يقولون عليك السلام و الحديث فيه اثبات ان السلام عليكم تحية الاحياء وتحية الاموات؛ لانه قال السلام عليكم دار قوم المؤمنين.
وقد نقل النووي رحمه الله عن القاضي عياض (هو أبو الفضل عِياض بن موسى بن عِياض بن عمرو بن موسى اليَحصُبي السَّبتي المالكي، وُلِد: سنة 476 هـ / الموافق 1083م، في مدينة سَبْتَة (شمال المغرب)، و تُوفي: سنة 544 هـ / الموافق 1149م، في مدينة مراكش، يُعدّ من كبار علماء المغرب، وإمامًا في الحديث، والفقه المالكي، والسيرة، والعقيدة، والقضاء تولى منصب القضاء في سبتة، وذاع صيته حتى صار يُلقب بـ:“عالم المغرب وقاضيها وإمامها المدافع عن السنّة” قال الإمام النووي عنه: “لو لم يكن للقاضي عياض إلا كتابه الشفا، لكفاه” كان على عقيدة أهل السنّة والجماعة، لكنه يميل إلى مذهب الأشاعرة، كما هو حال كثير من علماء المغرب في زمان، وله ردود قوية على الباطنية والزنادقة، خصوصًا من تطاولوا على الجناب النبوي، قال الذهبي: “الإمام العَلَم، الحافظ، البحر، الفقيه، شيخ الإسلام”) : يحمل سماعهم (يعني حديث ما انتم باسمع) على ما يحمل عليه سماع الموتى في احاديث عذاب القبر وفتنته التي لا مَدفَعَ لها، وذلك باحيائهم او احياء جزء منهم يعقلون به ويسمعون في الوقت الذي يريده الله. ثم قال النووي رحمه الله : هذا كلام القاضي وهو الظاهر المختار الذي يقتضيه احاديث السلام على القبور. أهـ فاذا كلامه احيائهم او احياء جزء منهم يعقلون به ويسمعون، يعني هذا احياء خاص وسماع خاص.
قال ابن القيم رحمه الله: وثبت عنه صلى الله عليه وسلم ان الميت يسمع قرع نعال المشيعين له اذا انصرفوا عنه وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لامته اذا سلموا على اهل القبور ان يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول السلام عليكم دار قوم المؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا. أهـ
قال الشنقيطي رحمه الله : وخطابه صلى الله عليه وسلم لاهل القبور بقوله السلام عليكم وقوله وانا ان شاء الله بكم لاحقون ونحو ذلك، يدل دلالة واضحة على انهم يسمعون كلامه، لانهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوم، ولا شك ان ذلك ليس من شان العقلاء فمن البعيد جدا صدوره منه صلى الله عليه وسلم. أهـ
اذا الحديث هذا الان من كلام ابن القيم رحمه الله وكلام الشنقيطي رحمه الله، ان الموتى يسمعون السلام، واولئك يقولون الموتى لا يسمعون الا في احوال مخصوصة، طيب وما هي الاحوال المخصوصه ؟ قالوا منها السلام على اهل المقابر، يعني الذين يقولون انهم لا يسمعون يقولون ما عندنا مشكله حتى في الحديث هذا كيف؟ يقولون يسمعون قرع النعال ويسمعون السلام عليهم في المقبرة، اما نفتح السماع هكذا مطلقا ونقول انهم يسمعون كل شيء وما يجري على الارض من الاحداث ويسمعون ما يكون في بيتي وبيتك وفي المقبرة واذا المقبرة بجانب الورشة يسمعون اصوات الورش … فهذا عندهم يتعارض مع قوله وانك لا تسمع الموتى وما انت بمسمع من في القبور، طيب وهذه الاحاديث يقولون هذه الاستثناءات، عندنا اصل وعندنا استثناءات.
وغيرهم ممكن يقول ان هذه الاستثناءات كثيرة معناها انهم يسمعون، والقاسم المشترك بين القولين اثبات اصل السماع للميت، ان هناك سماعا، متى ؟ هذا شان اخر.
وقد تعاد الروح الى البدن في غير وقت المساله كما في الحديث الذي صححه ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ما من رجل يمر بقبر الرجل الذي كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه الا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام. فاذا هنا في رد روح مخصوص لاجل رد السلام، لانه يتبين من النصوص ان الميت اذا وضع في القبر روحه طبعا تصعد الى السماء في الرحلة العلوية التي ذكرناها، ثم تعاد روحه في جسده ويقع الاقعاد والسؤال والفتنه والتعذيب او التنعيم، الروح ماذا يحدث لها بعد ذلك ؟ ممكن تصعد مره اخرى تذهب الى اعلى عليين تذهب تسرح في الجنة تاكل من شجر الجنه تاوي الى قناديل معلقه تحت العرش تتلاقى مع ارواح اخرى، وممكن تذهب في سجين، في سجن ارواح الكفار في الارض السفلى، (وادي برهوت في حضرموت له علاقه وسياتي الكلام فيه في قضيه مكان ارواح الكفار في سجين في الارض السفلى).
اذا :
فارقته الروح عند الموت
وصعدت الى الاسفل
ونزلت في القبر دخلت في الجسد
ثم خرجت الى اماكن اخرى
ولما جاء واحد وسلم رد الله علي رد الله عليه الروح ليرد السلام
وقد ثبت ذلك للنبي عليه الصلاه والسلام انه ما من احد يسلم عليه الا رد الله عليه روحه ليرد عليه السلام. وسياتي كلام الشيخ عبد العزيز باز رحمه الله في تصحيح في في ذكر نقد تصحيح الحديث او ملاحظه على تصحيح الحديث الذي صححه بن عبد البر رحمه الله
وفي سنن ابي داوود وغيره عن اوس بن اوس الثقفي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ان خير ايامكم يوم الجمعه فاكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة، فان صلاتكم معروضة علي، قالوا يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد ارمت ؟ قال : ان الله حرم على الارض ان تاكل اجساد الانبياء.
وذكر ابن تيميه في الفتاوى وهو يقول قد تعاد الروح الى البدن في غير وقت المسالة (يعني غير وقت المسالة التي هي من ربك ما دينك من نبيك) فهل هذه الحالة فقط التي تعاد فيها الروح الى الجسد في القبر، لا هناك حالات اخرى ذكر منها الحديث الذي صححه ابن عبد البر (الرجل الذي يعرف صاحبه يمر عليه ويسلم وان الله يرد عليه روحه حتى يرد السلام على صاحبه).
قال الشيخ عبد العزيز : في اسناده نظر وصححه ابن عبد البر، حديث النبي عليه الصلاه والسلام ثابت يقيني ان الله يرد عليه روحه ليرد السلام، (فاذا الروح تذهب وترجع وتذهب وترجع تصعد وتنزل).
قال ابن تيميه : وهذا باب فيه من الاحاديث والاثار ما يضيق هذا الوقت عن استقصائه (الباب ما هو؟ عوده الروح الى البدن في القبر في عدة مناسبات) مما يبين ان الابدان التي في القبور تنعم وتعذب اذا شاء الله ذلك كما يشاء، وان الارواح باقية بعد مفارقة البدن ومنعمة ومعذبة؛ ولهذا امر النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام على الموتى، كما ثبت في الصحيح والسنن انه كان يعلم اصحابه اذا زاروا قبور ان يقولوا السلام عليكم اهل الديار من المؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستاخرين نسال الله لنا ولكم العافيه اللهم لا تحرمنا اجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم.
قال شيخ الاسلام : وقد انكشف لكثير من الناس ذلك (يعني ان هناك نعيم وعذاب في القبر، اي هناك احياء كشف الله لهم ذلك) قال : حتى سمعوا صوت المعذبين في قبورهم وراوهم بعيونهم يعذبون في قبورهم في اثار كثيرة معروفة، (ومنها القصة : قصة الرجل التي نقلها ابن القيم رحمه الله عن صاحبه يثق به ونقلها عنه، انه جاء الى المقبره فقعد فراى قبرا يتوهج مثل الجمرة، وانه سال عنه بعد ذلك قالوا مكَّاسٌ (ياكل اموال الناس بالباطل من الضرائب ظلما) فراى قبره على تلك الحال)، يعني قد يكشف الله لبعض الاحياء لبعض الناس صورا وامثلة ونماذج من عذاب القبر او نعيمه)، قال شيخ الاسلام : وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتى سمعوا صوت المعذبين في قبورهم (يعني هناك استثناءات، ولو سمع كل الناس يسمعون كل ما هنأ احد بعيش ولا نام ولا اكل ولا شرب ولا نكح ولا تلذذ بشيء، واذا كان صوت الميت قبل الدفن قدموني اذا سمعه الانسان صعق، كيف لو سمع ضربة الاصم الابكم الاعمى الشجاع بالمرزبة ؟ بالتاكيد ما يهنا احد بعيش ولا اشتغلنا ولا عمرنا ولا بنينا ولا تزوجنا ولا انجبنا، لكن قد يكشف الله لبعض احياء بعض ما يدور في القبر، شيئا يسيرا مما يدور)، قال : ولكن لا يجب ذلك ان يكون دائما على البدن في كل وقت بل يجوز ان يكون في حال دون حال (وذكر حديث القليب السابق ثم قال ابن تيميه) : واهل العلم بالحديث والسنة اتفقوا على صحه ما رواه انس وابن عمر، وان كان لم يشهدا بدرا فان انس روى ذلك عن ابي طلحة وابو طلحة شهد بدرا وعائشة تاولت فيما ذكرته كما تاولت امثال ذلك، والنص الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على تاويل من تاول من اصحابه وغيره، وليس في القران ما ينفي ذلك، فان قول انك لا تسمع الموتى انما اراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه. أهـ
* هذه عباره مهمه جدا في فهم الاية يعني (ان قول انك لا تسمع الموتى انما اراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه) ما هو راي ابن تيميه الان في قوله انك لا تسمع الموتى ؟ ما هو السماع المنفي ؟ السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه، وهذا ممكن نرد به على من يقول بالتلقين، كان يقول لليمت عند الدفن اذا قالوا لك كذا قل كذا … نقول : فات الاوان، فهذا السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه منفي بقوله تعالى انك لا تسمع الموتى.
ثم قال شيخ الاسلام : فان هذا مثل ضرب للكفار، والكفار تسمع الصوت ولكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتباع، كما قال تعالى : ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء ونداء يسمع صوت، لكن لا يفقه، يسمع الكلام لكن لا يتاثر.
ثم قال : فهكذا الموتى الذين ضَرَبَ لهم المثل، لا يجب ان ينفى عنهم جميع السماع المعتاد انواع السماع، (نلاحظ هنا كلامه لا ينفع عنهم كل السماع، لانه هناك نصوص وردت انهم يسمعون، في احوال مخصوصة على الاقل) كما لم ينفى ذلك عن الكفار، بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به، واما سماع اخر (مثل سماع توبيخ، سماع خزي وندامه وحسرة، فممكن يصل اليهم وممكن يسمعونه) قال : فلا ينفى عنهم. أهـ
اذا ما المنفي عنهم ؟ سماع الانتفاع، وهذا لا يعني ان سماعات اخرى ممكن ان تصل اليهم،
قال : وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما ان الميت يسمع خفق نعالهم اذا ولوا مدبرين، فهذا موافق لهذا فكيف يدفع ذلك. أهـ
قال : ومن العلماء من قال ان الميت في قبره لا يسمع ما دام ميتا، كما قالت عائشه واستدلت به من القران، واما اذا احياه الله فانه يسمع، كما قال قتاده : احياهم الله له. وان كانت تلك الحياة لا يسمعون بها كما نحن لا نرى الملائكة والجن، ولا نعلم ما يحس به الميت في منامه، وكما لا يعلم الانسان ما في قلب الاخر، وان كان قد يعلم ذلك من اطلعه الله عليه. أهـ
قال الشنقيطي رحمه الله : واذا علمت ان القران ليس فيه ما ينفي السماع المذكور علمت انه ثابت بالنص الصحيح من غير معارض. أهـ
هذا بالنسبه اذا لمساله سماع الاموات و بعض ما ورد في ذلك.
والخلاصة : لقد اختلف العلماء في مسألة سماع الموتى للأحياء، وهي مسألة شائكة وعميقة، ويمكن تلخيص الخلاف والآراء المختلفة مع أدلتها على النحو التالي:
القول الاول : القول بعدم سماع الموتى (إلا في حالات مخصوصة ومستثناة): قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ومن تبعها: ذهبت عائشة رضي الله عنها، ومن وافقها كعمر رضي الله عنه، إلى أن الموتى لا يسمعون. واستدلت بقوله تعالى: "إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى"، وما جاء بمعناها من الآيات، ورأت أن هذه الآية نص صريح في نفي السماع الحقيقي للموتى.
• تأويل حادثة قتلى بدر: عندما نادى النبي صلى الله عليه وسلم قتلى بدر من الكفار بعد المعركة، واستغرب عمر رضي الله عنه ذلك قائلاً: "يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟“. أولوا سماعهم في هذه الحادثة بأنه سماع مخصوص ومؤقت، وأن الله أحياهم (أو أعاد أرواحهم) في تلك اللحظة بالذات ليسمعوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم توبيخًا وتصغيرًا وتقريعا وحسرة وندمًا، وليس سماعًا عامًا لهم. والحافظ ابن حجر وغيره أشاروا إلى أن هذا التأويل ممكن، وأن الله هو الذي أسمعهم هذا السماع الخاص. وان سماع قرع النعال (استثناء آخر): والحديث الذي يذكر أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له حين ينصرفون، يعده أصحاب هذا الرأي استثناءً آخر محدودًا ومخصصًا. والاستثناء على القاعدة العامة: ويرى أصحاب هذا القول أن الأصل هو عدم السماع لقوله تعالى "إنك لا تسمع الموتى"، وأن ما ورد من أحاديث تثبت السماع، هي حالات استثنائية لا تنقض القاعدة العامة. وان العواقب لو كان السماع عامًا: قال بعض العلماء إن الله استثنى الإنسان من سماع الموتى إبقاءً عليه ورحمة به، فلو سمع الإنسان صوت الجنازة وهي تقول "قدموني" لصعق، وبالأحرى لو سمع أصوات المعذبين في القبور أو ما يدور فيها، لما استطاع أحد أن يعيش حياة طبيعية.
القول الثاني : القول بسماع الموتى (بشكل عام): وهو قول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله ومن وافقه: ويرى الشيخ الشنقيطي أن الدليل يقتضي رجحان أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلمهم، ويعتبر أن تأويل عائشة رضي الله عنها لآية "إنك لا تسمع الموتى" كان غلطًا؛ لأنه يخالف أحاديث صحيحة متعددة لا مطعن فيها تثبت السماع، ولا يوجد نص صريح يعارضها. والأدلة الداعمة لهذا القول: حديث قتلى بدر (القليب): استدلوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى قتلى بدر، وقوله لعمر: "والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم". هذا نص صريح في سماعهم، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم تخصيصًا لذلك. وسماع قرع النعال: الحديث الذي يذكر أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين عند انصرافهم، يعتبره أصحاب هذا الرأي دليلًا على سماع الموتى بشكل عام، وظاهره العموم في كل مدفون. والسلام على أهل القبور: شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن يسلموا على أهل القبور بقولهم: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين...". يرى ابن القيم والشنقيطي وغيرهما أن هذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولو لم يكونوا يسمعون لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، وهو ليس من شأن العقلاء ولا النبي صلى الله عليه وسلم، واما معنى قوله تعالى : انك لا تسمع الموتى، فقد فسره شيخ الاسلام ان السماع المنفي هو سماع الانتفاع وليس اصل السماع، فهم يسمعون لكن لا يفقهون ولا ينتفعون (بما يسمعون).
فالقول الاول : الاصل لا سماع الا حالات قيدها النص، مثل اهل بدر وصوت النعال والسلام. والقوال الثاني : الاصل السماع ولكن منفي عنهم الانتفاع الا ما قيده الشرع.
تعرف الاموات زياره الاحياء
ناتي الان الى قضية : هل تعرف الاموات زياره الاحياء وسلامهم ام لا؟ طبعا هنا المعرفة هذه اعم من قضية السماع، فممكن الميت يعرف بدون ان يسمع، فممكن الاصم يعرف بدون ما يسمع، ويحس باشياء دون ان يسمع، فالان هذه مسالة اشمل، هل تعرف الاموات زياره الاحياء ؟ مثاله : رجل جده مات يريد ان يزوره، هل سيحس به اذا زاره؟ فهل يعلم : ان ولد فلان جاء فزاره ؟
فمن العلماء من يقول لا نثبت ولا ننفي لانه لم يثبت الدليل في النفي او الاثبات، ومنهم من قال : بل يعرف ويحس. اذا قولان في المسالة.
قال ابن القيم رحمه الله : والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الاثار عنهم بان الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به، وقد استُدِلَّ على ان الميت يعرف بزيارة الحي وسلامه عليه بادلة كثيرة من هذه الادلة قال ابن عبد البر ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : ما من مسلمٍ يمرُّ على قبرِ أخيهِ المسلمِ كان يعرفُه في الدنيا، فيسلِّمُ عليه إلا ردَّ اللهُ عليه روحَه حتى يردَّ عليه السلامَ. (قال النووي في شرح المهذب: إسناده جيد. وصحّحه ابن القيم في الروح، وقال: “هذا الحديث إسناده جيد”.وصحّحه الألباني في أحكام الجنائز (ص 156)، وصححه عبد الحق الاشبيلي والشوكاني في نيل الاوطار). وسئل الشيخ عبد العزيز باز رحمه الله هل يعرف الميت من يزوره ؟ فاجاب : جاء في بعض الاحاديث اذا كان يعرفه في الدنيا، رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام، ولكن في اسناده نظر، وقد صححه ابن عبد البر رحمه الله.
هذا الحديث فيه (متى عرف انه زاره؟)، لما رد الله عليه روحه. فهذا الحديث الان فيه كلام، فقضيه ثبوت الحديث فيها كلام، فصححه بعضهم، وضعفه بعضهم، لكن لو ثبت ماذا فيه؟ ان الميت اذا زاره صديق وسلم عليه رد الله الروح الى الميت ليرد السلام على المسلم فقط.
قال : وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم انه امر بقتلى بدر وذكر حديث قتلى بدر (القليب)، وهذا فيه سماعهم ذلك السماع المخصوص لان الله رد اليهم ارواحهم ليسمعوا كلامه ويصاب بالخزي والحسرة ثلاثة (اي الادلة). وثبت عنه صلى الله عليه وسلم ان الميت يسمع قرع نعال المشيعين له اذا انصرفوا عنه، وهذه في قضيه سماع الخاص سماع قرع النعال اربعه، وقد عَلَّمَ النبي صلى الله عليه وسلم امته اذا زاروا القبور ان يقولوا السلام عليكم اهل الديار من المؤمنين والمسلمين وانا ان شاء الله بكم لاحقون الحديث.. قال ابن قيم : وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل (يعني يريد ان يستدل ابن قيم الحديث على ان الاموات اذا سلمت عليهم انهم يسمعون سلامك) وليس في اكثر من هذا (يعني قضيه كيف حالك وان ذاك يرد وان هذا شيء اخر).
واحتج الحافظ ابو محمد عبد الحق الاشبيلي في هذا الباب بما رواه ابو داوود عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما مِن أحدٍ يُسلِّمُ علَيَّ إلَّا رَدَّ اللهُ علَيَّ رُوحي حتَّى أردَّ علَيهِ السَّلامَ. [رواه أبو داود في “سننه” (رقم: 2041) ورواه أحمد في “المسند” (رقم: 8819) ورواه البيهقي في “السنن الكبرى” (رقم: 4399)، صححه الإمام النووي في الأذكار، وصححه ابن القيم في جلاء الأفهام، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2041)]. لكن هذا لمن ؟ للنبي صلى الله عليه وسلم.
وحديث رواه ابن ابي الدنيا : ما من رجلٍ يزورُ قبرَ أخيهِ ويجلسُ عنده إلا استأنسَ به وردَّ عليه حتى يقومَ . [اسناده ضعيف، فيه عبد الله بن سمعان و الحديث لا يعتمد عليه، وى ابن أبي الدنيا في نفس الكتاب (برقم: 97)].
وعن ابي هريره رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من أحدٍ يمرُّ على قبرِ أخيه المؤمنِ كان يعرفُه في الدنيا فيسلِّمُ عليه، إلا عرفه وردّ عليه السلام. [قال ابن الجوزي : لا يصح. وضعفه الالباني في السلسله الضعيفة]. فاذا ايضا لا يعتمد عليه.
ولكن هنا حديث صحيح عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، رواه مسلم في “صحيحه”، كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله، الحديث رقم 121، عن ابن شِمَاسَةَ المَهْرِيّ (هو عبد الله بن شِمَاسَة المهري المصري، ويُعدّ من ثقات التابعين، وقد وردت له روايات في كتب السنن، خاصة في السنن الكبرى للنسائي ومصنف عبد الرزاق)، قال : حَضَرَنَا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت، فبكى طويلا، وحول وجهه الى الجدار، ثم ذكر (الحديث الطويل) وفيه انه قال لهم (يعني عمرو بن العاص رضي الله عنه) : فإذا دفنتموني فشنُّوا عليَّ الترابَ شنًّا (شنّوا: أي صبُّوا أو أهيلوا)، ثم أقيموا حولَ قبري قدرَ ما تُنحرُ جزورٌ، ويُقسَّمُ لحمُها (يعني صدقه لله) حتى أستأنسَ بكم، وأنظرَ ماذا أراجعُ به رُسُلَ ربي.
ومحل الشاهد قولوا : حتى أستأنسَ بكم، وأنظرَ ماذا أراجعُ به رُسُلَ ربي.
يقول النووي : فيه فوائد منها اثبات فتنة القبر، وسؤال الملكين، وهو مذهب اهل الحق، وفيه ان الميت يسمع حينئذ من حول القبر، فهذا السماع المخصوص بمن هم حول القبر، (وليس انه يسمع الى اخر الدنيا).
قالوا ايضا : ان تسميه المُسَلِّم زائرا فيه ان المَزُورُ (اي من في القبر) يعلم بان ان هذا زاره والا ما صار زائرا!.
وبعض الاثار جائت : ان بعض الا الاحياء سمع شيئا من القبر، او ان واحد اتكع على القبر فسمع المقبور يقول : اليك عني لا تؤذني. (طبعا اما بالنسبه لقضيه ان الموتى ممكن يتاذون باشياء، نعم يعني مثل القعود على القبروالمشي على القبر والاتكاع على القبر) فهذا كله ورد هذا ورد النهي، عنه فهذا في ايذاء للمقبورين.
وكذلك تحريم الاعتداء على القبور كجعلها مكان القمامة، او مثلا البناء فوقها، وبعضهم لا يراعي حرمة الاموات واذا اشترى ارضا يتبين لها انها مقبرة لم يهتم، ووضع الاساسات وبنى البيت عليها. اذا كون الموتى يتاذون باشياء، فنعم، ممكن يتاذى الميت بالجلوس عليه والوطا على قبره والاتكاع على قبره يتاذى منه. يعني وجود احساس من الميت باشياء فهذا ليس ممنوعا.
فمسالة السماع، فقد تقدم الكلام فيها وانه سماع خاص باحوال معينة، منها السلام وقرع النعال. ولكن هنا هل يستانس الميت بمن حوله؟ هل اذا زاروه احس بهم ؟ هذه التي اثبتها بعض العلماء ونفاها بعضهم.
وسئل شيخ الاسلام بن تيميه رحمه الله سؤالا فيه فقرات كثيرة، هل الميت يسمع كلام زائره ويرى شخصه؟ وهل تعاد روحه الى جسده في ذلك الوقت؟ ام تكون ترفرف على قبره في ذلك الوقت وغيره؟ وهل تصل اليه القراءة والصدقة سواءا كان من المال الموروث عنه وغيره؟ وهل تجمع روحه مع ارواح اهله واقاربه الذين ماتوا قبله، سواء كان مدفونا قريبا منهم او بعيدا؟ وهل تنقل روح الى جسده في ذلك الوقت؟ او يكون بدنه اذا مات في بلد بعيد ودفن بها ينقل الى الارض التي ولد بها؟ وهل يتاذى ببكاء اهله عليه؟
والمسؤول من اهل العلم رضي الله عنهم الجواب عن هذه الفصول فصلا فصلا جوابا واضحا مستوعبا اجاب : الحمد لله رب العالمين، نعم يسمع الميت في الجملة (الكلام الدقيق، يسمع في الجملة يعني عموما هل في سماع ؟ نعم)، قال : كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه. (وذكر حديث القليب)، وقد ثبت عنه في الصحيحين من غير وجه انه كان يأمر بالسلام على اهل القبور، ويقول : قولوا السلام عليكم اهل الديار من المؤمنين والمسلمين وانا ان شاء الله بكم لاحقون [رواه مسلم في “صحيحه” (رقم: 975). مع قوله : نسألُ اللَّهَ لنا ولكُم العافيةَ] ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستاخرين نسال الله لنا ولكم العافيه [رواه النسائي في “السنن الكبرى”، وصححه الألباني في “السلسلة الصحيحة” (رقم: 2510] اللهم لا تحرمنا اجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم [من الأدعية الصحيحة الواردة عن النبي ﷺ، ويقال عند المصيبة ووفاة الميت، وقد رواه جمع من الصحابة رضي الله عنهمرواه أبو داود (3201)، والترمذي (1024)، وابن ماجه (1498) وصححه الشيخ الألباني في “صحيح سنن ابن ماجه” و”أحكام الجنائز”.] فيصبح الدعاء كامل : (قولوا السَّلامُ عليكُم أهلَ الدِّيَارِ، مِنَ المؤمنينَ والمسلمينَ، وإنَّا إن شاءَ اللَّهُ بكُم لاحقونَ، نسألُ اللَّهَ لنا ولكُم العافيةَ، يرحمُ اللَّهُ المستقدِّمينَ منَّا والمستأخرينَ، اللهم لا تحرمنا أجرَهم، ولا تفتِنَّا بعدَهم، واغفِر لنا ولهم)، ثم قال ابن تيميه رحمه الله : فهذا خطاب لهم (يعني السلام عليكم، نسال الله لنا ولكم العافية) قال : فهذا خطاب لهم، وانما يخاطب من يسمع، (يعني العادة ان نتكلم مع مع من اذا خاطبنا ؟ نخاطب من يسمع، وطبعا تذكير اننا قلنا في الذين منعوا السماع قالوا لا يوجد لدينا اشكال فان هذه من الاستثناءات)
ثم قال : وروى ابن عبد البر، (وذكر الحديث ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا)… وذكر حديث، كيف تعرض صلاتنا عليك وقد ارمت، وحديث ان الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن امتي السلام)، - وهذا ثابت في عده روايات ان الله عز وجل خصص ملكا اعطاه اسماء العباد، (يعني الملك هذا يسمع ماذا يقول الناس في العالم) وكل ما سلم واحد على محمد صلى الله عليه وسلم، الملك يقول للنبي عليه الصلاة والسلام فلان ابن فلان من امتك، يسلم عليك، ويرد الله روح نبينا الى جسده ليرد السلام.
شبهة : بعض اهل الباطل زعموا قالوا كم مليون واحد في العالم يصلون على النبي عليه الصلاة والسلام صباح مساء، طيب قالوا اذا الروح دائما في قبره اذا هو حينا اذا يجوز نتكلم معه، يعني هذا الباطل، فنقول : هل تقيس حياه البرزخ وحياه الغيب على حياه الواقع الشهود وحياة الدنيا؟ اذا كانت الروح في اعلى عليين ترد الى الجسد في لحظة، وكم واحد في العالم يسلم عليه في اللحظة، الواحده اذا ما يمكن نتصور الان قضيه الدخول والخروج وباي سرعه وكيف يحصل هذا عالم غيبي، هذا ليس كحال الدنيا ابدا.
قال شيخ الاسلام : فهذه النصوص وامثالها تبين ان الميت يسمع في الجملة (عموما فهناك سماع كلام الحي عموما)، ولا يجب ان يكون السمع له دائما. (فاذا كان الميت يسمع كلام المسلم عليه هذا لا يعني انه يسمع كلامه دائما، ولو انت زرت القبر حتى لو رجعت الى بيتك الميت يسمعك ولو انك تكلمت مع زوجتك الميت يسمعك ولو ذهبت الى العمل الميت يسمعك، لا، ما نثبته فقط ما هو ؟ سماع السلام ) قال : بل قد يسمع في حال دون حال، كما قد يعرض للحي؛ فانه قد يسمع احيانا خطاب من يخاطبه، وقد لا يسمع لعارض يعرض له، .. وذكر ان هذا لا يعارض قوله تعالى انك لا تسمع الموتى قال : فان المراد بذلك سمع القبول والامتثال (يعني الميت الان لا يسمع سماعا ينتفع به، والمنفي في الاية لانها ضربت مثلا لمن يعرض عليه الحق ولا يجيب، (والايات كاملة في السياق ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴿٧٨﴾ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ، إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴿٧٩﴾ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا۟ مُدْبِرِينَ ﴿٨٠﴾ وَمَا أَنتَ بِهَـادِى ٱلْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ ، إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِـأيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ﴿٨١﴾ سورة النمل) فلا فائده من هؤلاء، ومهما تكلمت معهم لن يهتدوا، مثل الكفار مثل اهل القبور، لا يسمعون كذلك هؤلاء الكفار، مهما نصحتهم مهما دعوتهم لن يستجيبوا، فهذا المعنى).
ثم قال : فان الله جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه وكالبهائم التي تسمع الصوت ولا تفقه المعنى، فالميت وان سمع الكلام وفقه المعنى، فانه لا يمكنه اجابه الداعي وامتثال ما ما امره به او نهى عنه، وكذلك الكافر لا ينتفع بالامر والنهي وان سمع الخطاب وفهم المعنى، كما قال الله تعالى : ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم (ما معنى لاسمعهم؟ علما انهم يسمعون، لكن المقصود سماع الانقياد، سماع استجابة سماع هداية سماع قبول).
وسأل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله هل الميت يسمع السلام والكلام ويشعر بما يفعل لديه؟ فاجاب : هذه مسالة اختلف فيها اهل العلم والسنة قد بينت فيها بعض الاشياء فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان العبد اذا وضع في قبره وانصرف الناس عنه فانه يسمع قرع نعالهم. واخبر الرسول صلى الله عليه وسلم انه ما من مسلم يمر بقبر مسلم فيسلم عليه وهو يعرفه في الدنيا، وهذا الحديث صححه ابن عبد البر وذكره ابن قيم في كتاب الروح ولم يتعقبه، وربما يؤيد هذا ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان اذا خرج الى المقابر قال السلام عليكم دار قوم المؤمنين، وعلى كل تقدير، مهما قلنا بان الميت يسمع، فان الميت لا ينفع غيره ولو سمعه، (وهذا كلام مهم جدا لاجل انحرافات الصوفية والمشركين وعباد القبور واهل الباطل والذين يذهبون الى الميت في القبر يقول يا بدوي، يا عبد القادر، يا الجيلاني، يا ابو العباس، يا عيدروس (يُعرف بأنه مؤسس الطريقة العيدروسية، فرع من الطريقة العلوية التي أسّستها عائلة آل أبي علوي في حضرموت؛ وتلك الطريقة انتشرت في جنوب شرق آسيا؛ ولا تزال تتبع في الهند وإندونيسيا بسبب العلماء الحضارمة الذين هاجروا إلى هناك)، يا حسين، يا فلان يا فلان، فنقول لو كانوا يسمعون لا ينفعونك بشيء، لو كانوا يسمعون نداءك لا يمكن ان يقدموا لك شيئا، وهذا المهم جدا الان، يعني قضيه الميت يسمع ولا ما يسمع ليست قضيه خطيرة يعني الخطير ما هو ان تعتقد ان الميت ممكن يفعل لك شيء، هذه المصيبة، الذين يذهبون للقبور ويقول اشفي مريضي واعطني ولدا وارزقني واشفع ليوم القيامة وثقل ميزاني، فاذا الميت يسمع او لا يسمع اليست القضية هذه كبيرة، لكن المشكله بناء عليها انه اذا كان يسمع يعني ينفع هذه المشكلة : التوصل من يسمع الى ينفع؛ ولذلك تشديد بعض العلماء ان الموتى لا يسمعون وهذه احوال مخصوصة جدا فقط اللي ثبت فيه الدليل وقرع النعال والسلام عليه في المقبرة فقط، لاجل ما راوه من هذه الاشياء الفظيعة التي يفعلها بعض المشركين) قال الشيخ ابن عثيمين : وعلى كل تقدير مهما قلنا بان الميت يسمع فان الميت لا ينفع غيره، ولو سمعه، يعني انه لا يمكن ان ينفعك الميت اذا دعوت الله عند قبره (لان بعض الناس يقولون : نحن لا ندعوا الميت خلصنا، لكن نريد ان ندعو الله عند القبر لان الدعاء عند القبر اكد في الاستجابة، يعني يذهب عند القبر يقول اللهم اشفي مريضي عند القبر لماذا؟ قال هنا الدعاء ارجى بالاجابة، طيب لماذا؟ يعني الدعاء لمن اليس لله الله يسمع دعائك ما الفرق بين عند القبر الميت وفي بيتك؟ وما هو الدليل على ذلك ومن الذي قال بذلك والا يفضي هذا الى تعظيم المقبورين والا يفتح الباب للوقوع في الغلو بالاموات؟ وليش عند الميت بالذات الدعاء مستجاب هذه هي مصيبه). قال : يعني انه لا يمكن ان ينفعك الميت اذا دعوت الله عند قبره كما انه لا ينفعك اذا دعوته نفسه، ودعاؤك الله عند قبره معتقدا لذلك مزية بدعة من البدع ودعاؤك اياه - يعني المقبور - شرك اكبر مخرج من الملة. أهـ
وسئلت اللجنه الدائمة برئاسه الشيخ عبد العزيز باز رحمه الله وعضويه الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله، فهذه اجابة الشيخين لما كا نالسؤال : هل صح حديث ان اهل البرزخ يرى بعضهم بعضا ام لا ويتحدث بعضهم مع بعض؟
الجواب : لا نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المساله حديثا يُعتمد عليه. أهـ
هل تموت الروح؟
وناتي الان الى مساله الى مساله ذكرها ابن القيم رحمه الله هل تموت الروح ؟
قال ابن القيم رحمه الله : اختلف الناس في هذا، فقالت طائفة تموت الروح وتذوق الموت لانها نفس، وكل نفس ذائقة الموت، قالوا : وقد دلت الادلة على انه لا يبقى الا الله وحده، قال تعالى : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام، وقال اخرون : لا تموت الارواح فانها خلقت للبقاء وانما تموت الابدان، قالوا : وقد دلت على هذا الاحاديث الدالة على نعيم الارواح وعذابها بعد المفارقة الى ان يرجعها الله في اجسادها، ولو ماتت الارواح لانقطع عنها النعيم العذاب، وقد قال تعالى : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون، هذا مع القطع بان ارواحهم قد فارقت اجسادهم وقد ذاقت الموت، ثم قال : والصواب ان يقال : موت النفوس (يعني لما نقول فلان مات ما معناه : خرجت روحه من جسده، هذا في الدنيا صار الان الى حياه البرزخ) قال : والصواب ان يقال موت النفوس هو مفارقتها لاجسادها وخروجها منها، فان اريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت، وان اريد ان تعدم (يعني اذا واحد قال هل الروح تعدم وتضمحل وهل ياتي وقت على الاموات لا يحسون لا بنعيم ولا بعذاب لان الروح نفسها ماتت؟) قال : فان اريد بموتها هذا القدر فهي ذائقه الموت، وان اريد انها تعدم وتضمحل و وتصير عدما محضا، فهي لا تموت بهذا الاعتبار، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم او في عذاب، (يعني نحن الان في الدنيا نحس ونعيش واذا متنا وخرجت الارواح والاجساد هل انعدم الشعور والاحساس ؟ لا، هناك نعيم وفي عذاب في القبر في حياة البرزخ عملية مستمرة والروح باقية لا تفنى، حتى يبعث الله من في القبور فتعود الارواح في الاجساد عودا حقيقيا فيه قيام، وذهاب الى ارض المحشر، ووقوع الحساب والجزاء الى اخره،).
اذا تعلق الروح بالجسد موجود:
ففي الدنيا حياة معينة التي نعرفها الان،
وفي البرزخ فيه تعود الروح في الجسد ويسال ويفتن،
ثم ممكن تخرج مرة اخرى الروح داخل القبر تخرج داخل القبر غير خروج الدنيا، تذهب الى عليين الى سجين تذهب الى الجنة الى عرش الرحمن، تتلاقى الارواح يجتمع بعضهم مع بعض، ولكن النعيم والعذاب موجود مستمر، لا شيء اسمه فناء الروح وانعدام الروح بالكلية،
وعند قيام الساعه ستدخل الارواح في الاجساد مرة اخرى دخولا يختلف عن دخولها في الدنيا، ويختلف عن دخولها في القبر هذا دخول الاخرة. وهذا الدخول لا خروج بعده، فالدخول الذي سيكون يوم البعث والنشور دخول اخر لا خروج بعده.
قال : وعند الامام احمد عن ام هانئ انها سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم : انتتزاور اذا متنا ويرى بعضنا بعضا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تكون النسم (ارواح المؤمنين يعني) طيرا تَعْلُقُ بالشجر، (يعني تتحول الروح طيرا، وتاكل من شجر الجنة)، حتى إذا كان يومُ القيامة دخلت كلُّ نفسٍ في جسدها. (رواه الإمام أحمد (مسنده رقم 15778) وصححه الإمام الألباني رحمه الله في “السلسلة الصحيحة” (رقم: 995)).
وطبعا هناك مقام اعلى إن : أرواح الشهداء في جوف طير خضر، (الارواح لا تتحول بل تصير في طير خضر تطير بها وتسرح بها) لها قناديل معلقة في العرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعةً، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لا يُتركون من أن يُسألوا، قالوا: يا رب! نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نُقتل في سبيلك مرةً أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُركوا. (اي لم يُعِدهم، لكن خلّد نعيمهم وفضلهم)(رواه مسلم في صحيحه (رقم: 1887)).
مسكن الروح من الجسد؟
ما هو مسكن الروح من الجسد؟
قال شيخ الاسلام بن تيميه رحمه الله : لا اختصاصا للروح بشيء من الجسد، بل هي سارية في الجسد كما تسري الحياة التي هي عَرَضٌ في جميع الجسد، وعودة الروح الى الميت في قبره سبق ذكره بحديث البراء وعاد روحه في جسده قال شيخ الاسلام : الاحاديث الصحيحه المتواترة تدل على عود الروح الى البدن وقت السؤال، وسؤال البدن بلا روح هذا غلط، والاحاديث الصحيحه ترده. أهـ
قال القاري : ثم تصير - اي ترجع الى القبر - وتكون دائما محبوسة في اسفل السافلين هذه ارواح المجرمين، بخلاف روح المؤمن فانها تسرح في الجنة حيث تشاء وتاوي الى قناديل تحت العرش، ولها تعلق بجسده ايضا تعلقا كليا، (طبعا هذا لا يمكن ادراكه الان كيف هي فوق ولها تعلق في الجسد؟ كيف هي في الجنة والجسد في الارض؟ كيف يكون هذا التعلق الله اعلم به) قال : لانه - يعني في القبر - ينام كنومة العروس وينظر منازله في الجنة، (هذا الجسد الذي في القبر، يتنعم : يعني يعني الروح متصلة به لانه يحس ويشعر بالنعيم او بالعذاب، فهذه الروح في مكان والجسد في مكان وهناك اتصال، نحن لا ندركه).
ومن قال : ان الميت في القبر يقرا القران ويصلي فهذا يحتاج الى دليل.
اما الانبياء : ورد فيهم حديث الأنبياءُ أحياءٌ في قبورِهم يُصلُّونَ (رواه البيهقي في “حياة الأنبياء” (ص 15)،وصححه الألباني في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (رقم: 621)،وصححه الهيثمي في “مجمع الزوائد” (8/211)، وقال: رجاله ثقات.)، اما غير الانبياء لا يجوز ان نثبت انه في حال معينة، فمثلا نقول : هو يقرا القران وهو يصلي وهو بدون دليل لا نستطيع ان نقول بذلك.
ثم قال : وعودة الروح الى الميت وهو في قبره ليس عوده الى حالتها التي كانت عليها في الدنيا، بحيث يحي حياته المعهودة له من قبل ويحتاج معها الى طعام وشراب، كلا، (وفي الروح تعود الى القبر الى الجسد في القبر ولكن ليس كعود كارتباطها به في الدنيا؛ لان في الدنيا يحتاج الى طعام وشراب) وغير ذلك من شان الحياة الاولى للانسان في الدنيا، وانما عوده الروح الى الميت في قبره وقت السؤال او وقت رد السلام او غير ذلك، عودة خاصة لها احكامها، تخالف الشان الذي كان في الدنيا. أهـ
قال ابن القيم رحمه الله: وسر ذلك ان الروح لها بالبدن خمسة انواع من التعلق متغايرة الاحكام، (هذا فهم هذا الكلام مهم حتى الواحد لا تلتبس عليه الامور) :
اولا تعلقها به في بطن الام جنينا. (قال : في الحديث اذا بلغ اربعه اشهر يرسل اليه الملك وينفخ فيه الروح…. اذا هذا تعلق معين للروح بالجسد في بطن الام)
ثاني تعلقها به بعد خروجه الى وجه الارض، (هذه الدنيا)
الثالث تعلقها به في حال النوم، (يعني نحن الان اذا نمنا فعلاقة ارواحنا باجسادنا اثناء النوم ليست مثل علاقته بها في اليقظة، فعلاقه روحك بجسدك اثناء النوم غير علاقة روحك بجسدك في اليقضة، ولذلك اذا قمت بعد النوم ماذا تقول في الادعيه؟ الحمد لله الذي احيانا بعد ما اماتنا … وتقول ايضا الحمد لله الذي رد علي روحي واذن لي بذكره … رد عليك روحك، معناها انها قد اخذت اخذا معينا، وقبضت قبضا معينا اثناء النوم، اذا في بطن الام في تعلق معي،ن اذا ولد في تعلق معين اذا نام في تعلق معين،
الرابع تعلقها به في البرزخ، فانها وان فارقته وتجردت عنه، فانها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات اليه البتة، ليست مفارقه كلية، والاثار تدل على ردها اليه وقت سلام المسلم، وهذا الرد اعادة خاصه لا يوجب اعادة حياة البدن قبل يوم القيامه. (ولذلك لم لو جاء واحد وقال النبي عليه الصلاه والسلام اذا واحد سلم عليه رد الله عليه روحه في اذا هو حي ما كان في الدنيا هل هذا الكلام صحيح ؟ لا ، ليس بصحيح)
التعلق الخامس ما هو؟ الخامس : تعلقها به يوم بعث الاجساد، وهو اكمل انواع تعلقها بالبدن اذ انه تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا، (التعلق الذي سيكون بين الروح والبدن يوم بعث الاجساد يوم الدين، اقوى شيء اقوى من الدنيا، لماذا؟ لان الروح اذا دخلت في ذلك اليوم، لا تخرج، ولانه ما في نوم، يعني لا اهل الجنة، ينامون ولا اهل النار ينامون، ثم لا موت، اذا دخلت يوم القيامه لن تخرج البتة، لن تخرج ابدا.).
يبقى عندنا : الموحدون في النار الذين دخلوا النار من العصاة، يحترقون حتى يصيرون فحما، اي يموتون ثم يحييهم الله؛ فهذه حالة خاصة ورد بها حديث صحيح، سيعودون مرة اخرى ويدخلون الجنة، ففي النتيجة النهائية تعلق الروح في البدن يوم القيامه تعلق خاص جدا اقوى انواع التعلق. فلا نوم ولا موت.
وبالتالي : فان ذلك التعلق له احكامه الخاصه ايضا.
سنكمل ان شاء الله موضوع تزاور الارواح ومستقر الارواح في البرزخ وحياة الانبياء البرزخية وما قيل في تزاور الموتى واستقبال بعضهم بعضا، فان هناك اثار قد وردت في استقبال ارواح الاموات للميت الذي ياتيهم، استقبال ارواح الاموات للميت الجديد،
نسال الله سبحانه وتعالى ان يحيينا مسلمين وان يتوفانا مؤمنين وان يلحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.
الدرس التالي، ثالثا: تفاوت منازل الأرواح في دار القرار