تفسير سورة النبأ
تفسير سورة النبأ
تفسير سورة النبأ
﷽
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٥)
• "عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ": أي عن ماذا يتساءلون.
• "عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ": قيل هي بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل هو البعث الذي كانوا ينكرونه، وهذا هو النبأ العظيم الذي كانوا يسألون أو يتساءلون عنه: هل هو حق أو غير حق.
• "الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ": وبعضهم كانوا مختلفون اي مستبعدون للبعث، مستبعدين لإحياء العظام الرفاة، أو آبائهم الأولين(اانا لمبعوثون ٠ اانا لمدينون؟). وبعضهم كانوا متشككين هل يمكن أن يكون بعث أو لا يمكن أن يكون بعث.
• "كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ": اي ليس الأمر كذلك، فسيعلمون حين يقع هذا اليوم، حين يموتون، حين يلاقون جزاءهم. ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ وهذا تأكيد لما سبق.
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (٨) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (١١) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (١٢) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (١٣) وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (١٤) لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (١٦)
الله تبارك وتعالى يؤكد قدرته سبحانه وتعالى في هذه الآيات :
• "أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا": اي مهدناها لكم، تسيرون فيها، تعيشون عليها، تستفيدون منها.
• "وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا": اي تمسك الأرض عن أن تميل، وتثبتها بهذه الجبال.
• "وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا": أي ذكوراً وإناثاً، ثم تتزاوجون فيرزقهم الله أولاداً.
• "وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا": وهذا من المنن التي يُذكر الله تعالى بها عباده، فجعل نومكم راحة ترتاحون فيها لتستيقظوا وتستقبلوا يوماً آخر.
• "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا": لباساً لكم تستترون به، لا يراكم أحد وتأخذون راحتكم.
• "وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا": تخرجون فيه تطلبون المعاش، أي ما يعيشكم.
• "وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا": وهي السماوات السبع، والشداد هي القوية المتينة.
• "وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا": السراج الوهاج هي الشمس، سميت سراجاً لما فيها من الحرارة والوهج، تنير لكم وتعطيكم شيئاً من الحرارة وتنتفعون بها، وهذه منن يمن الله بها على عباده.
• "وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا": المعصرات اي أنزلنا من السحاب، ماءا ثجاجا ماءً كثيراً تنتفعون به في زراعتكم، في شربكم، في حياتكم. تنتفعون أنتم، وتنتفع النباتات، وتنتفع الحيوانات.
"لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا": الحب هو الحبوب عموماً التي يأكلها الناس كالباقلا والأرز والعدس، والنبات هو الخضار التي تخرجها الأرض وتكون للبهائم. أي يخرج من الأرض ما يكون طعاماً للبشر وما يكون طعاماً لدوابهم.
”وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا“ : وجنات ألفافاً أي بساتين كثيرة ملتفة يلتف بعضها على بعض، تفرحون بها وتسعدون.
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (١٧) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (١٨) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (٢٠)
• "إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا": يوم الفصل هو يوم القيامة، ويُقال له يوم الفصل لأن الله يفصل فيه بين العباد سبحانه وتعالى. كان ميقاتا كان له ميقات مُحدد وهي الساعه، فإذا جاءت هذه الساعه وقع كل شيء وانتهى أمر الناس.
• "يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا": الصور هو القرن. يقول النبي ﷺ : كَيْفَ أَنْعَمُ، وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ، وَأَصْغَى سَمْعَهُ، يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ أَنْ يَنْفُخَ، فَيَنْفُخَ. قَالَ أَصْحَابُهُ: فَمَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا.[رواه الترمذي (2312) وقال: حسن غريب. ورواه أحمد في المسند (رقم: 11131). وصححه الألباني في صحيح الجامع (ح 4441، 4442).] والنفخ في الصور هو في قبض أرواح الناس كلهم، ثم النفخة الثانية في إحياء الناس كلهم، حتى يكون يوم القيامة. فتأتون أفواجاً، يُجمع الخلق كلهم بين يدي الله تبارك وتعالى، ويسمى يوم الجَمْع.
• "وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا": وفتحت تَشَقَقّت وانفطرت في ذلك اليوم، وكانت كالأبواب المفتحة المشرعة، فهي كانت السماء كالابواب مغلقة، الان تتشقق وتنفطر.
• "وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا": هذه الجبال الأوتاد العظيمة التي تثبت الأرض، تصير كالهباء المنثور وهو الغبار الذي يظهر عند الاضاءة يكون صغير جدا، أي كالأشياء الصغيره جداً التي لا وزن لها ولا قيمه.
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١) لِّلطَّاغِينَ مَآبًا (٢٢) لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣) لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥) جَزَاءً وِفَاقًا (٢٦) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩) فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (٣٠)
• "إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا": جهنم اسم للنار، هذه النار كانت مرصادا أي مُعَدَّة، مُرْصَدَة، مُجَهّزة. وقد أعدت للكافرين.
• "لِّلطَّاغِينَ مَآبًا": الطاغين هم أهل جهنم لانهم طغاة، والطاغي هو من تجاوز الحد. فكل ما طغى من تجاوز حده ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ - لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: 11-12] اي لما تجاوز حده ﴿اِذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ [النازعات: 17] تجاوز حده بالظلم. مااباً أي مثوى ومََقَر فهو شيء يرجعون إليه.
• "لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا": أي ماكثين في جهنم مَدَدَاً طويلة. والكُفار مخلدون في نار جهنم أبداً، واما المسلمون من اهل الكبائر ومن اصحاب الشرك الاصغر فلا يخلدون وان دخلوها. والله هنا يتكلم عن المخلدين، لابثين فيها احقابا، والحقبة هي المدة من الزمن، وقال أحقاباً وليس حقبة أي مدداً عظيمة.
"لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا": لا يذوقون ما يبرد عليهم حرارة نار جهنم، ولا شراباً يدفع ظمأهم. ثم استثنى فقال :
"إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا": فإذا شربوا فيشربون الماء الحار، الذي يُقطع أمعاءهم، والغَسَّاقْ قيل هو صديد أهل النار، يعني اذا شربوا شربوا صديد اهل النار.
"جَزَاءً وِفَاقًا": اي هذا جزاء عملهم، وما ظلمهم الله تبارك وتعالى، وإنما هذا جزاء أعمالهم. اي الله لا يظلم احدا، فهذا جزاءا وفاقا، كما تدين تدان، ثم بين وقال:
• "إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا": كانوا لا يؤمنون بالبعث ولا يعتقدونه وينكرونه كما في اول السورة، عم يتسائلون ؟ عن النبأ العظيم ؟ الذي هم فيه مختلفون ؟ انكار للبعث.
• "وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا": كِذَّابًا أي تكذيباً صريحاً واضحاً بيناً، معاندين مكابرين.
• "وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا": كل الذي فعلوه مكتوب في اللوح المحفوظ، الملائكة يكتبون عليهم أعمالهم، ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد، كتبت عليهم اعمالهم واعتقاداتهم وتكذيبهم وايذائهم وعنادهم، احصيناه كتابا.
• "فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا": وهذا تبكيت لهم، وقد قال بعض أهل العلم : إنها أشد اية على أهل النار، في مقابل أولئك الكفار، هناك آخرون منعمون :
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (٣١) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (٣٢) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (٣٣) وَكَأْسًا دِهَاقًا (٣٤) لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (٣٥) جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (٣٦)
• "إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا": مفازا أي منجى، والمفازة عند العرب هي المكان المنقطع، مثل البر وضاع فقيل (في مفازة) اي في ضياع، ولكن يقولونها على سبيل التفاؤل، مثل الاعور يقولون عنه (كريم عين)، واذا كان مريض يقولون صحيح (او بعافية)، فكانوا يتفائلون بذلك، ولكن هنا على حقيقتها ليست مجرد تفاؤل انما منجى، فهم الفائزون الناجون. والتقوى : هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل. وقيل : ان يجعل بينه وبين عذاب الله وقاية، ثم بدأ يفصل هذا النعيم :
• "حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا": وذكر العنب لشرفه وحب الناس له، فذكره تمييزا له، وإلا ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
• "وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا": الكواعب هن النساء اللاتي لم تتكسر ثُدُيُّهُنَّ؛ لان المراة كلما كبرت يتكسر ثديها من الرضاعة اي ينزل، اما هؤلاء فلا يتكسر ثديهم، لنضارتهن وصغر سنهن وجمالهن، وهؤلاء هن نساء الدنيا يكن اجمل "إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عرباً أتراباً" نساء الدنيا، والأتراب هن اللاتي في سن واحدة متقاربة.
• "وَكَأْسًا دِهَاقًا": كاس مملوءة من الرحيق (أصفى أنواع الخمر وأطيبها) ومن السلسبيل (عين في الجنة، سُمّيت بذلك لسهولة جريان مائها وانسيابه في الحلق من غير تعب) ومن التسنيم (التسنيم عين ماء في أعلى منازل الجنة، يُشرب خالصًا للمقرّبين، ويُمزج به شراب الأبرار)، وغير ذلك من الشراب الذي يعطاه أهل الجنه.
• "لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا": اللغو هو الكلام الذي لا فائدة فيه، وكذابا أي ولا إثماً، فلا يسمعون فيها كلاماً لا نفع فيه ولا يسمعون فيها آثاماً.
• "جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا": جزاء من الله المجازات، عطاء هبه من الله، حساباً على ما كانوا يعملون في هذه الدنيا، أي مكافأه من الله تبارك وتعالى على إيمانهم وتقواهم والتزامهم.
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (٣٨) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (٣٩) إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (٤٠)
• "رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ": أي مالك السماوات والأرض والمتصرف فيهما، وما بينهما اي ما بين السماوات والارض.
• "لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا": أي لا يملك أحد أن يتكلم بين يدي الله بدون إذن، كما فُسرت بالاية التي بعدها.
• "يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا": الروح هو جبريل عليه السلام، وهو روح القدس اي المنزهة المطهرة، ورغم انه من الملائكة الا انه خُصَّ بالذكر لاكرامه وتخصيصه، عطف عام على الخاص. فيقفون صفا لخوفهم من الله ومعرفتهم به.
• "لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا": الكلام في ذلك اليوم لا يكون إلا بإذن من الله تبارك وتعالى، فلا كلام الا باذن من الله ورضي له قولا وقال صوابا، ويوم القيامة لن يُقال الا الصواب لان الله لن يأذن الا لمن يقول الصواب.
• "ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ": أي هذا اليوم هو اليوم الحق الذي لا يَرُوجُ فيه باطل أبداً.
• "فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا": من الأن يستعد ويؤوب أي يرجع إلى الله تبارك وتعالى.
• "إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا“: إنَّا هي نون العظمة، عذابا قريبا وكل آت قريب، ومن مات قامت قيامته.
• "يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ": في ذلك اليوم لا يرى المرء إلا ما قدمت يداه، وما قدمت نفسه له من قول أو فعل أو اعتقاد.
"وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا": عندما يعلم علم اليقين أنه هالك ومعذب، يقول يا ليتني كنت تراباً، فيتمنى أن يكون بهيمة وأن يكون تراباً كما صارت البهائم تراباً بعد أن يقتص الله لها من بعضها، وهذا يبين عظيم ندمه لما سيلقاه من العذاب، وما زال المجال مفتوحاً الأن؛ ولذلك أنزل الله تبارك وتعالى هذا القرآن وأرسل الرسل حتى يعتبر الناس ولا ينتظرون حتى يأتي هذا اليوم، وجاء عن بعض السلف انه قال : ان الله يقول في ذلك اليوم بعد ان اقتص للبهائم من بعضها البعض (الجماء من القرناء) وهذا من كمال عدله، وهنا يقول لها : كوني ترابا، وهنا يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا.
والحمد لله رب العالمين، وصل وسلم وبارك على نبينا محمد ﷺ